إن عالم الفخامة والرفاهية الحقيقية هو عالمٌ أكبر مما قد يظن الكثيرون، إذ يمتلك أغنى عشرة أشخاصٍ في العالم أكثر من 1.1 تريليون دولار أميركي، وهم بذلك قادرون على تحمل التكاليف الباهظة لنمط حياةٍ فاخرٍ لا مثيل له
يعتقد الكثيرون أنهم يعرفون المعنى الحقيقي لحياة الرفاهية، وقد يكون بعضهم على حق، لكن معنى الرفاهية يتغير من عامٍ إلى آخر. إذا أردت أن تعرف معنى الرفاهية في وقتنا هذا، فعليك أن تعرف مجريات الأمور التي تؤثر في عالم أصحاب الثراء الفاحش. يمكنك أن تبحث بنفسك لإيجاد إجاباتٍ على بعض الأسئلة من قَبيل:
ما هو أسلوب السفر وشكل الأزياء والطعام في عالم الرفاهية؟
كيف يتعامل أصحاب العلامات التجارية الفاخرة مع عالم نخبة الأثرياء؟
بإجابتك على تلك الأسئلة يمكنك تحديد ما إذا كنت تعيش حياة الرفاهية الحقيقية أم لا.
موضوعُنا هذا يشبه دليلاً سريعاً يصوِّر لك حياة أثرى أثرياء العالم، فتفضل بمتابعة القراءة.
الوضع الراهن
شجع انتشاء وباء كورونا الكثيرَ من الناس على إعادة النظر في كيفية إنفاقهم للمال، وقد أثَّر ذلك بشكلٍ كبيرٍ على نشاط سوق الكماليات، حيث تكبَّد أكثرُ من 80% من تجار السلع الفاخرة خسائر كبيرةً للغاية. لقد وصلت الأمور من السوء درجةً جعلت بعض أولئك التجار يغلقون أعمالهم نهائياً، في حين اضطر آخرون إلى تقليص حجم أعمالهم بشكلٍ دراماتيكي.
مع تزايد انتشار اللقاحات حول العالم، ستكون الفعاليات التجارية التي نجت من الكارثة مستعدةً للرجوع إلى سابق عهدها، ولكن إقبال المستهلكين سيأخذ وقتاً أطول للعودة إلى مستواه الطبيعي. سيضع معظم رواد الأسواقِ الأمان على رأس أولوياتهم، وهذا يعني أن حركة السوق ستستمر في حدودها الدنيا ما لم يثق المستهلكون بأن معدلات إعطاء اللقاح مستمرةٌ في الارتفاع حتى تصل بالوضع إلى حدود الأمان. يعني ذلك أن العلامات التجارية الفاخرة ستتأثر بشكلٍ كبيرٍ لا يمكن إهماله، وسيكون عليهم إعادة هيكلة عملياتهم الصناعية والتجارية بما يضمن لهم الاستمرار لفترةٍ طويلةٍ دون مبيعات. من ناحيةٍ أخرى، سيكون لديهم متسعٌ من الوقت لتطوير منتجاتٍ جديدةٍ تساعدهم في إعادة انطلاقٍ قوية.
الممتلكات العقارية والمركبات
نظرًا إلى أنَّ العديد من كبار الأثرياء يقضون أوقاتا طويلةً في منازلهم، فمن الطبيعي أن تكون العقارات مهمةً جداً بالنسبة لهم. كثيرٌ من الأثرياء يُزوِّدون منازلهم ببعض المرافق الإضافية، فمنهم من يُلحِق بالمنزل صالةً رياضية، ومنهم من يبني غرف نومٍ إضافيةً حتى يتمكن من إدخال نوعٍ من التنوع في حياته. يفضل بعض الأثرياء شراء منازل إضافية، وغالباً ما يميلون إلى جعلها بعيدةً عن المدن للتمتع بهدوء الضواحي والمناطق الريفية. يشتري البعض الآخر يخوتاً ليعيشوا على متنها وسط المحيط، وتصل تكلفة شراء وتشغيل وصيانة بعض اليخوت العملاقة إلى مئات ملايين الدولارات. كمثالٍ على ذلك، يكلف استئجار يخت خليلة لمدة أسبوعٍ واحدٍ مبلغاً قدره 275,000 دولار أميركي.
لقد استمر عمل مصنعي السيارات الفارهة رغم الأزمة التي فرضها وباء كورونا، ومن المتوقع أن يعود الأثرياء بقوةٍ إلى شراء تلك السيارات فورَ عودة الحياة إلى طبيعتها، حيث يَفترِض منطق الأمور أن يندفع الناس عموماً والأثرياء خصوصاً في حركة سفرٍ غير مسبوقة بعد فترةٍ طويلةٍ من الانقطاع بسبب الحَجْر.
السفر
يحب الأثرياء عموماً السفر إلى مختلف بقاع الأرض، وهذا ما يجعل كلاً من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وآسيا تشهد نشاطاً سياحياً كبيراً. تحظى الطائرات الخاصة الصغيرة والطائرات المستأجرة بشعبيةٍ عاليةٍ بين الأثرياء الذين يبحثون عن أعلى مستويات الرفاهية في السفر. يفضل البعض توفير القليل من المال، فيلجؤون إلى الطيران على متن رحلاتٍ تجاريةٍ ولكن في فئة الدرجة الأولى، وهناك بعض الخطوط الجوية التي تولي الدرجةَ الأولى اهتماماً خاصاً جداً، فمثلاً، تقدم شركة طيران الاتحاد (Etihad Airways) خدمةً في منتهى الرقي لركاب الدرجة الأولى، ويشمل ذلك وجباتٍ غذائيةً فاخرةً وأَسِرةً كبيرةً للنوم في رحلات السفر الطويلة.
من ناحيةٍ أخرى، توفر المنتجعات والفنادق وسائل راحةٍ خيالية، ومن أمثلة ذلك ما يقدمه فندق St. Lucia التحت – مائي من إطلالةٍ رائعةٍ على أشكال الحياة البحرية من أسماكٍ وشُعَبٍ مرجانيةٍ، وذلك من خلال النوافذ الزجاجية لغرف الفندق الذي يقع ضمن غواصةٍ عظيمةٍ تجوب البحار في رحلةٍ أقرب إلى الخيال، ويكتمل مشهد الرفاهية في الفندق من خلال الوجبات الغذائية الفاخرة التي يصنعها عددٌ من أمهر الطهاة.
الأكسسوارات
صمدت الأكسسوارات الفاخرة طويلاً أمام اختبار الزمن، فهي لا تزال تشكل مظهراً هاماً جداً من مظاهر حياة الرفاهية، ولا زال مستمراً شغف الأثرياء بامتلاك الأقراط المرصعة بالماس، وخصوصاً تلك التي تأتي من شركاتٍ شهيرةٍ مثل Harry Winston. تبرز أهمية الخواتم والأساور الفاخرة بشكلٍ خاصٍّ في المناسبات الرسمية، بما في ذلك حفلات الزفاف. تُضاف إلى ما سبق أهميةُ ساعات اليد الفاخرة التي لا زالت تحافظ على مكانتها ضمن مكونات الرفاهية. يُنتج كلٌّ من Bulgari وCartier وHermès بعضاً من أفضل الساعات في العالم، كما تنتج بعض الشركات مثل Audemars Piguet عدداً قليلاً جداً من الساعات الفاخرة كل عام، مما يجعل اقتناء منتجاتهم واحداً من أبرز أساليب إظهار الثروة لدى الأثرياء الميالين إلى التباهي والغرور.
المأكولات والمشروبات
تتمتع الأطعمة الفاخرة بأهميةٍ خاصةٍ في حياة كبار الأثرياء، ويستأثر الكافيار لنفسه بموقعٍ في غاية التميز بين المكونات الغذائية الفاخرة، وهو عبارةٌ عن بيض سمك الحفش، الذي يتم تمليحه وإعداده بطريقةٍ خاصةٍ لتقديمه مع المقرمشات. لقد أسس الطباخ الأسطوري Thomas Keller علامتَه التجارية الخاصة للعمل في مجال إنتاج الكافيار الفاخر، والتي ستقوم بطرح منتجاتها خلال العام الجاري. تُعدُّ الكمأة البيضاء أيضاً واحدةً من أفخر المكونات الغذائية في أطباق الأثرياء، ويمكن أن يصل ثمن بعض الحبات الكبيرة من الكمأة البيضاء إلى مئات آلاف الدولارات، فإذا كنت قادراً على تحمل تلك التكلفة الهائلة، قم بطلب قطع الكمأة البيضاء الأصلية من إيطاليا أو فرنسا. يمكن للأثرياء من محبي اللحوم أن يتوجهوا إلى خيار لحوم كوبيه البقرية الفاخرة، ويفضِّل معظمُهم أن يطلبوها على شكل طبقٍ من شرائح اللحم. في مجال الأطباق البحرية، تتوفر خياراتٌ متناهية الفخامة، وتشمل أطباقَ الكركند وسمك المنفخ الياباني.
بالنسبة للنباتيين، تتوفر بعض الأطباق المميزة جداً، ويأتي على رأسها طبق فطر ماتسوتاكي الفاخر.
قد لا يكون هناك ما يبرز الثروة وحياة الرفاهية أكثر من تشكيلةٍ فاخرةٍ من النبيذ والمشروبات الكحولية. يقوم بعض الأثرياء من خبراء النبيذ بجمع أصنافٍ مختلفةٍ من جميع أنحاء العالم، وخصوصاً من إيطاليا وفرنسا. لكن دولاً أخرى مثل أستراليا تقدم أيضاً بعض الخيارات الجيدة لأولئك الجامعين الشغوفين بأنواع النبيذ الفاخر. لا تقلُّ أهمية عرض المشروب الكحولي عن أهمية المشروب نفسه، ولذلك يلجأ الأثرياء عادةً إلى اقتناء كؤوسٍ كريستاليةٍ ومعدات تبريدٍ وخَزنٍ من أرقى الماركات العالمية.
التحول إلى نمط الحياة الرقمية
أصبح الانتقال إلى الرقميةِ شيئاً فشيئاً واحداً من أبرز جوانب حياة الرفاهية. يقوم الكثير من المستهلكين في العالم وخصوصاً من فئة الشباب بالتسوق عبر الإنترنت، وقد بدأت العلامات التجارية الفاخرة بافتتاح متاجر إلكترونيةٍ خاصةٍ بها. في شهر سبتمبر من عام 2020، أطلق موقع أمازون متاجر إلكترونيةً لبعضٍ من أشهر أصحاب العلامات التجارية الراقية، وذلك تلبيةً لاحتياجات العدد المتزايد من العملاء من ذوي الدخل المرتفع. لقد شَرَع الكثير من أصحاب العلامات التجارية الفاخرة بدخول تجربتهم الخاصة في مجال التكنولوجيا الرقمية، وأبرز الاتجاهات في هذا السياق هو الاهتمام بتقنية الواقع الافتراضي (Virtual Reality).
يمكن للمستخدم أن يقتني قناع الواقع الافتراضي، وتتوفر في السوق أيضاً أنظمة ألعاب فيديو متكاملة تتوافق مع تقنية الواقع الافتراضي. تستفيد بعض الشركات من توفر تقنية الواقع الافتراضي، حيث تسمح للمستهلك بدخول تجربةٍ في غاية المتعة من خلال بث معلوماتٍ تسويقيةٍ بتقنية الواقع الافتراضي. إذا أردتَ أن تعيش أسلوب الحياة العصرية الراقية، فعليك أن تفكر بالاستفادة من التقنيات الرقمية المتاحة في عصر الرقميات الراهن.
التزام القضايا الكبرى
لقد كشفت جائحة كورونا وجود عدم مساواةٍ اقتصاديةٍ واسعة النطاق. كذلك فقد أعاد مقتل جورج فلويد إلى الواجهة موضوع التمييز العنصري في الحياة الاجتماعية الأمريكية، والذي ظل مستتراً فترةً طويلةً من الزمن. تسبب أحداثٌ كهذه عادةً موجةً من البلبلة في المجتمع وعبر منصات التواصل الاجتماعي، وهذا ما يجعل الكثير من كبار الأثرياء يطالبون الشركات الراقية باتخاذ موقفٍ إيجابيٍّ من المجتمع والبيئة. تطالَبُ الشركات مثلاً بالتزام ببعض القضايا الكبرى، كقضية المساواة العرقية، والاستدامة البيئية، والعدالة في مستويات الدخل المادي.
خَطَتْ بعض الشركات خطواتٍ جادةً في هذا الاتجاه، ومثال ذلك ما قامت به شركة Gucci الشهيرة من استحداث خطةٍ لإعادة بيع المنتجات بشكلٍ يسمح لذوي مستويات الدخل الأقل بشراء المنتجات الفاخرة التي تنتجها الشركة. تنتج الشركة أيضاً بعض المنتجات التي يمكن وصفها بأنها “صديقة للبيئة.
أساسيات أسلوب حياة الرفاهية
إن النموذج العصري لحياة الرفاهية متعدد الأوجه، ومع استمرار الوباء في التأثير على كيفية إنفاق الناس للمال، يقوم العديد من الأثرياء بتوسيع حيازاتهم العقارية لكي يضمنوا لأنفسهم حيزاً من الأمان الصحي والمالي. مع مضي الوقت وانحسار موجة الوباء، يمكنك توقع زيادةٍ طفيفةٍ في حركة السفر عالمياً.
لا تزال بعض النماذج القديمة لحياة الرفاهية مستمرةً حتى يومنا هذا، ويتمثل ذلك في كون الأزياء والإكسسوارات العصرية، وكذلك الأطعمة والمشروبات الفاخرة، لا تزال كلها مشابهةً لما كان سائداً في الأوساط الراقية منذ زمنٍ طويلٍ نسبياً. من المستجدات في هذا السياق أن العديد من الشركات تعمل جاهدةً لاستيعاب متطلبات السوق الرقمية، كما أن بعضها تحاول رد الجميل للمجتمع من خلال اتخاذ بعض الخطوات التي تتجاوب إيجابياً مع الوباء المستجد.
إذا أردت أن تعيش حياة الرفاهية الحقيقية، فمن المؤكد أن أدلة لكشنري ستكون لك المساعد الأمين في اكتشاف أدق تفاصيل الفخامة التي تصبو إليها نفسك.
مصدر الصورة الأساسية: luxatic.com