إن معنى الرفاهيةِ يتجسد لدى الكثيرينَ باقتناءِ السياراتِ الفارهةِ أو ارتداءِ الحِليةِ المصنوعةِ من أثمنِ المعادنِ والمرصعةِ بأنفَسِ الأحجارِ الكريمة. لكنَّ الرفاهيةَ لا تقفُ بمعناها عندَ هذا الحدِّ فهي قد تتجسدُ بأشياءَ أخرى غير الملايينِ التي تسيرُ على الطرقاتِ أو تلكَ التي تتلألأُ بصلفٍ حولَ المعاصمِ والأعناق.
يرغبُ بعضُ المُتْرَفينَ بإظهارِ الرفاهيةِ والفخامةِ التي يعيشونُ في أحضانِها من خلالِ اقتناءِ أشياءَ غيرِ تقليديةٍ، ويشملُ ذلكَ أحياناً بعضَ الحيواناتِ ذاتِ الأسعارِ الخياليَّة. إنَّ واحداً من الحيوانات شديدةِ التميُّزِ هو الجوادُ جاليليو الذي يتمثلُ الغرضُ الرئيسيُ من اقتنائِهِ بإنتاجِ أنسالٍ من خيولِ السباقِ المتفوِّقةِ ممَّا جعلَ قيمتَهُ تبلغُ حداً خرافياً يساوي 243.61 مليون يورو.
ماذا تعرف عن أغلى حصان في العالم”جاليليو“؟
إذا كنتَ بعيداً عن أجواءِ الرفاهيةِ والفخامةِ المُترَفةِ فإنَّكَ ستظُنُّ غالباً أنَّ (جاليليو) هو اسم تلسكوب، فالتلسكوبُ كما هو معروفٌ من اختراعات العالمِ الإيطاليِّ الشهيرِ جاليليو جاليلي، لكنَّ الحديثَ هنا لا يدور حولَ الفَلكِ ولا حولَ أيِّ مجالٍ علميٍّ آخر، بل نتحدَّثُ هنا حولَ حيوانٍ دخلَ التاريخَ كرمزٍ بارزٍ من رموزِ الفخامةِ والترف. إنَّ ما قرأتَهُ آنفاً ليسَ خطأً مطبعياً، فمنَ الممكنِ حقاً لبعضِ الحيواناتِ دخولُ عالمِ الرفاهيةِ بلْ والوصولُ إلى حدودهِ العليا التي لا تستطيع خوضَ غِمارِها سِوى قِلَّةٌ من نخبةِ الأثرياءِ في العالم. إنَّ الحصانَ جاليليو هو أبرزُ مثالٍ على ما ذكرناهُ، فهوَ الجوادُ الأعلى سعراً في العالم.
الحصانُ جاليليو هو حصانٌ أيرلنديٌ أصيلٌ خارجٌ من الخدمة كحصانِ سباقٍ، وقد وُلِدَ في 30 مارس\آذار من عام 1998 من أبٍ شهيرٍ في عالمِ خيولِ السباق هو الجوادُ الأصيلُ سادلرز ويلز.
دَخَلَ جاليليو مضاميرَ السباقِ لأولِ مرةٍ في أكتوبر\تشرين الأول من عام 2000 واعتزل السباقاتِ في أكتوبر\تشرين الأول من عام 2001، ورغمَ سيرتِهِ المهنيةِ القصيرةِ إلَّا أنَّهُ أذهلَ الأوساطَ الرياضيةَ حيثُ حقَّقَ خلالَ عامٍ واحدٍ ستَّةَ انتصاراتٍ في سباقات الخيل الثمانيةِ التي شاركَ فيها.
بعدَ تَقاعدِهِ منَ السباقاتِ أصبحَ الحصانُ جاليليو من أبرزِ الأحصنةِ المرغوبةِ لإنتاجِ الأنسال، فقد كانَ في عام 2008 الجوادَ المفضَّلَ لإنتاجِ الخيولِ الموجهةِ للسباقاتِ المفتوحةِ في كلٍّ من بريطانيا وايرلندا. منذُ ذلكَ الحينِ أخَذَتْ أهميةُ جاليليو بالارتفاعِ رافعةً معَهَا ثمنَهُ حتى باتَ أغلى حصان في العالم بقيمةٍ تجعلُ جميعَ مربِّيْ خيولِ السِّباقِ يحلمونَ بالحصولِ على حصانٍ أصيلٍ واحدٍ من أنسالِ الحصان الرائعِ جاليليو.
ما الذي يجعلُ الحصانَ جاليليو مميزاً؟
يصعبُ على أغلبِ الناسِ تَقَبُّلُ فكرةِ وجودِ حصانٍ يتجاوزُ ثمنُهُ مليوني يورو، ولكنَّ أولَ نقطةٍ يجبُ الاتفاقُ عليها هنا هي أنَّ الحصانَ جاليليو ليسَ مجرَّدَ حصانٍ عادي، بل هوَ مِنْ أفضلِ جيادِ سباقات الخيل في العالمِ حيثُ يتمتَّعُ بمجموعةٍ من المواصفاتِ والقدراتِ تجعلُهُ يتفوقُ على كثيرٍ من المواصفات القياسيةِ العالميةِ الخاصةِ بأحصنةِ السباق. في ما يلي نظرةٌ عن كثبٍ إلى بعضِ الجوانبِ المُذهلةِ من خصائصِ وقدراتِ ذلك الحصانِ الأسطوري.
نتائجُ مذهلةٌ في بطولات سباق الخيل:
خلالَ عامٍ واحدٍ من السباقاتِ جذَبَ الحصانُ جاليليو أنظارَ الملايينِ مِنْ خلالِ النتائجِ المذهلةِ التي حقَّقَها، ولكنَّ هذه النتائج لا تقفُ عندَ حدِّ تحقيقِ ستةِ انتصاراتٍ من أصلِ ثمانيةِ سباقات، إنما تمتدُ لتشملَ النتائجَ المذهلةَ التي تُحقِّقُها أنسالُ ذلك الحصان العظيمِ في سباقات الخيل المفتوحة.
تؤكِّدُ الإحصائياتُ أنَّ أبناءَ الحصانِ جاليليو يحققونَ أعلى النتائجِ في السباقاتِ مما يجعلُ المراهناتِ عليهم ترتفعُ إلى قيمٍ كبيرةٍ جداً، بالإضافة إلى كونِهِمْ رمزاً من رموزِ الفخامةِ في مجتمعِ مربِّيْ خيولِ السباقِ في العالم.
لقد كانت نتائجُ سلالةِ جاليليو في عامَيِّ 2016 و2017 مذهلةً فقد تجاوزَتْ قيمةُ الجوائزِ الماليةِ التي حققَتْها في بريطانيا وايرلندا في كلٍّ منَ العامينِ على حدةٍ مليونَ جنيه إسترليني.
لم تكُنْ النتائجُ الماليةُ لعامِ 2018 بنفسِ جودةِ نتائجِ العامَين السابقين، ولكنَّها معَ ذلكَ بلغَتْ حوالي 6.9 مليون جنيه إسترليني وهيَ بِذَلِكَ تتفوَّقُ بِمقدارِ حَوالي 2.8 مليون جنيه إسترليني على سلالةِ الحصانِ دوباوي التي تَليها مباشرةً في المرتبة.
أما من ناحية العدد، فَقَدْ حققَتْ سلالةُ جاليليو خلالَ عامِ 2018 نتائجَ مذهلةً تخطتَ حاجزَ 73 فائِزاً في سباقاتِ الخيل للفئةِ الأولى التي حقَّقَتْها سلالةُ والدهِ سادليرز ويلز، وقد حدثَ ذلكَ عندما حققَتْ الفرس ماجيكال نصراً عظيماً في بطولة بريطانيا في حلبة سباق آسكوت خلال أكتوبر/تشرين الأول. عِلماً أنَّ الفرس ماجيكال هي أختُ الجوادِ الرائعِ رودوديندرون بطلُ سباقِ لوكينج ستيكس. بهذا تكونُ نتائجُ عائلةِ جاليليو غيرَ بعيدةٍ عن نتائجِ عائلة دنهيل الأولى في العالم والتي تمتلكُ في رصيدِها 84 فائِزاً.
في شهر أغسطس/آب من نفسِ العام تفوَّقَت سلالةُ جاليليو على سلالةِ سادلرز ويلز التي تضمُّ 327 حصاناً حاملاً للَّقبِ في سباقاتِ المخيل لرابطةِ ايروبيان باتيرن عندما فازَ الجوادُ سيزلنغ ببطولةِ الفئةِ الثالثةِ في مضمارِ كورك بايرلندا.
قدرةٌ على إنجابِ الأبطال:
تتحدَّدُ قيمةُ حصانِ السباقِ بعدةِ نقاطٍ، لكنَّ أبرزَ تلكَ النقاطِ هي قدرتُهُ على إنجابِ أنسالٍ قادرةٍ على تحقيقِ الانتصاراتِ في سباقاتِ الخيل المفتوحة، وفي هذهِ الناحيةِ يتفقُ العاملونَ في مجالِ إنتاجِ خيولِ السباقِ على أنَّ الحصانَ جاليليو هو الأفضلُ عالمياً.
كما أنّ من المعروفِ أنَّ مدى تفوقِ خيل السباقِ يمكنُ قياسُهُ بما في سِجِلِّهِ من انتصارات، وهذا ما يجعلُ الحصانَ جاليليو متفوقاً على المستوى العالمي، فسجلُّهُ حافلٌ بالانتصارات، ويمكنُ لهُ توريث قدرتِهِ على تحقيقِ الفوزِ في السباقاتِ إلى أولادهِ مما يجعلُ سلالتَهُ واحدةً من أكثرِ سلالاتِ خيولِ السباقِ تميُّزاً وتفوقاً.
إنَّ الحصانَ جاليليو الآنَ هوَ في أفضلِ سنٍّ للحصولِ على أنسالِه، وهذا ما يجعلُ جميعَ مربِّيْ خيولِ السباقِ يتطلَّعونَ إليهِ بشغفٍ رغبةً بالحصولِ على أنسالٍ منه. لا شكَّ أنَّ أبناءَ الحصانِ جاليليو قد أثبتوا مكانةً مميزةً جداً في نتائج سباقات الخيل بشكلٍ مشابهٍ لمسيرة أبيهم، وهذا يؤكِّدُ أنهم ورِثوا القدراتِ العظيمةَ لأسلافهم.
إنَّ قدرةَ الحصانِ جاليليو على إنتاجِ أنسالٍ من خيولِ السباقِ المتفوقةِ جَعَلَتْ ثمنَهُ يستمرُّ بالازدياد حتى وصلَ إلى ذلكَ الرقمِ الخيالي، وحصد لقب أغلى حصان في العالم. جزءٌ من روعةِ صفاتِ الحصانِ جاليليو يتمثَّلُ في أنَّ ما حققَتْهُ سلالتُهُ من إيراداتٍ ماليةٍ خلالَ عام 2018 في كلٍّ من بريطانيا ويرلندا والتي تقاربُ سبعةَ ملايين يورو ما هي إلا إيراداتُ سنةٍ عاديةٍ لا أكثر، وهو ما يُتوقَّعُ من سلالةٍ متفوقةٍ هي واحدةٌ من السلالاتِ التي تتربعُ على عرشِ بطولاتِ سباق الخيل في العالم.
الخصوبة العالية عند جاليليو:
بالإضافةِ إلى سجلِّه الحافلِ بالانتصارات، يتمتَّعُ أغلى حصان في العالم “الحصانُ جاليليو” بخصوبةٍ عاليةٍ جداً وهو ما ساعد على إنتاج أنسالٍ في العديدِ من الأماكن ولدى عددٍ لا يُحصى من مربِّيْ خيولِ السباق في العالم، ولحُسنِ الحظ فإن أنسالَهُ تحملُ قدراً كبيراً من صفاته نتيجةَ قدرتِهِ العاليةِ على توريث الصفات.
آني باور مع مهرها الأول من جاليليو.
لقد انتشرَتْ مؤخراً شائعاتٌ حولَ وجودِ حصانٍ غيرِ معروفٍ إعلامياً مولودٍ في شهر نيسان/أبريل من عام 2017 من نسلِ الحصانِ جاليليو بِيْعَ بمبلغِ يفوقُ ثمنَ الحصان جاليليو نفسَهُ، ولكنَّ تلكَ تبقى مجردَ إشاعاتٍ يصعُبُ التحقق من صِدقِها أو من صدقِ نسبةِ الحصانِ المقصودِ إلى سلالة جاليليو، ومهما كان منْ أمرٍ فإنَّ الحقيقةَ الكامِنَةَ خلفَ ذلك الثمن الرهيب للحصان جاليليو هي أنَّ ثمنَهُ مرتبطٌ بقُوةٍ بقدرتِه الفائقةِ على إنتاجِ خيولِ سباقٍ قادرةٍ على تحقيقِ المراتب الأولى في السباقات، حيثُ بلغَ عددُ أبنائِهِ الفائزينَ ببطولاتٍ مختلفةٍ حوالي 300 جواد وفرس، وهو رقمٌ لا يمكنُ تجاهُلهُ بحالٍ من الأحوال.
كلمةٌ أخيرةٌ:
في عُمرِهِ الحاليِّ البالغِ 22 عاماً، لم يَعُدْ للحصانِ جاليليو الكثيرُ ليعيشَهُ، ولكنَّ من المؤكدِ أنَّ حصاناً آخرَ من سلالتِهِ سَيبزُغُ نجمهُ يوماً في سماءِ عالمِ سباقاتِ الخيول، ويُرَجَّحُ أن يكونَ واحداً من أبناءِ الفرسِ الشهيرةِ بطلةِ قفزِ الحواجز آني باور. ولكنْ يبقى منَ الصعبِ حتى الآن تحديدُ الحصانِ الذي يستحقُّ أن يكونَ خليفةً للحصانِ جاليليو، الذي صار رمزاً من رموزِ الرفاهيةِ والعظمة، والذي يُتَوقَّعُ لهُ أن يحافظَ على مركزهِ هذا لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.
إذا أعجبَكُمُ المقال فَسَتُسْعِدُنا مشاركتُكم وتفاعُلُكُمْ معَ الموضوع، كما ننتظرُ منكم التفضلَ بالتسجيلِ لدينا لكي تظلُّوا على تواصلٍ مع عالمٍ رائعٍ من الفخامة والرفاهية.