قد يعيش المرء عمراً مديداً يصادف خلاله الكثير من الغرائب، وقد تصل غرابة بعضها إلى حدٍ يجعلها من العجائب. وهل هناك أعجب من قطرات شايٍ فاخرٍ تنساب من بين الذهب والفضة والماس والياقوت؟
لقرونٍ عديدةٍ لعب الشاي دوراً هاماً في الثقافة والمجتمع كمشروبٍ منبهٍ وعنصرٍ هامٍ في الطب الشعبي، ويعتبر الشاي حالياً أكثر المشروبات شيوعاً على مستوى العالم ويحتل موقعاً هاماً لدى كثير من شعوب العالم، علّك تجده بارزاً جداً في حياة البريطانيين وتكوينهم النفسي، حيث يُعرف عنهم حبهم الشديد للشاي. إذ يعتبر الشاي في المملكة المتحدة المشروب الوطني للشعب البريطاني وجزءاً من حياتهم اليومية، وتعتبر المملكة واحدة من أكبر الدول المستهلكة للشاي في العالم منذ القرن الثامن عشر، ويقدّرُ استهلاك البريطانيين ما يقارب ٦٠ مليار كوب سنويًا، بحسب جمعية الشاي ومشروبات الأعشاب في المملكة المتحدة.
لذلك فإننا لن نستغرب وجود إبريق شايٍ دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأغلى إبريق شاي في العالم في المدينة العاشقة للشاي، لندن العاصمة. ففي السادس من سبتمبر من عام 2016 تم إدراج إبريق إيجويست (ترجمتها “المغرور” أو “الأناني”) في كتاب غينيس كأغلى إبريق شاي في العالم بسعرٍ بلغ ثلاثة ملايين دولار أميركي. أقيم الحفل الرسمي للتسجيل في كتاب غينيس في مطعم موسيمان الشهير في حيّ بيلغرافيا الراقي في لندن.
تم وضع تصميم إبريق الشاي من قبَل السيد نيرمال سيذيا رجل الأعمال الهندي الكبير، الذي مرّ بتجارب قاسيةٍ في حياته، بدءاً من التسكّع والتدخين في الشوارع والأزقّة، إلى التحاقه بوظيفة متذوّق مبتدئ للشاي، وحتى أصبح إمبراطور تجارة الشاي في بريطانيا، وأحد أنجح رجال أعمالها. يقول السيد سيذيا: الشاي يشبه المرأة الجميلة، ويضيف قائلاً: “تعمق في صفات الشاي، ولا تتوقف عند المظاهر، الشاي عقيدة، وموسيقى؛ إنه الحياة. وهو صاحب شركة شاي نيوبي اللندنية رائدة الجوائز في فئة الشاي، والتي حصدت أكثر من ٣٠ جائزة من جوائز الطعم الرائع خلال السنوات الماضية.
قد يكون الرقم مبالغاً فيه جداً لو كان الحديث هنا حول إبريق شايٍ عادي، لكن إبريق إيجويست ليس كأي إبريق، إنه تحفةٌ فنيةٌ لا مثيل لها في أي مكانٍ من العالم، وهو جديرٌ بأن يكون وعاءً لإكسير الحياة. قام بصنع الإبريق عباقرة صنع المجوهرات في سكافيا ميلانو في إيطاليا. يقول السيد سيذيا: “هذا إبريقٌ لشخصٍ واحدٍ فقط، ولهذا أطلقنا عليه اسم (المغرور)”
لمَ كل هذا الترف والبذخ في تصميم إبريق إيجويست؟
يقول السيد سيذيا: “قمتُ بتصميم إبريق الشاي لتوعية العالم بالأهمية التاريخية والثقافية للشاي، والذي هو بحقٍ مشروبٌ سحريٌ يستخدمه البشر منذ أكثر من ألف عام، وهو جزءٌ من نسيج الحضارة منذ عهد أسرة تانغ الصينية حتى اليوم”. وأضاف السيد سيذيا: “هذه المناسبة هي إحياءٌ لثقافة الشاي محاطة بإطار الفخامة والعظمة المناسبتين لها”. وتأكيداً لهذه الفخامة فقد اختار السيد سيذيا لهذه المناسبة تقديم شاي (موسكاني) النادر والثمين جداً والذي تنتجه شركته (نيوبي).
ماذا عن شركة نيوبي منتجة شاي موسكاني؟
تعد شركة نيوبي واحدةً من أكثر شركات إنتاج الشاي حصولاً على الجوائز في العالم، حيث تنتج عدداً كبيراً من أرقى أنواع الشاي وأكثرِها تميزاً، والتي ترضي بجدارةٍ الذوق البريطاني الرفيع. لا تتردد شركة نيوبي في وضع الأفكار الجديدة وتنفيذها في سبيل تحسين منتجاتها شكلاً ومضموناً، وعلى سبيل المثال فقد تعاقدت الشركة مع ماتيو ويليامسون مصمم الأزياء والديكور البريطاني الأكثر شهرةً لتصميم ثلاث عبواتٍ فاخرةٍ لثلاثة أنواعٍ من الشاي تُعد مَفخرة منتجاتها بلا منازع. في هذه البيئة الفارهة النخبوية وُلدَت فكرة ذلك الإبريق الأسطوري إيجويست.
أين يوجد إبريق إيجويست الآن؟
قام السيد سيذيا بضم إبريق الشاي الرائع إلى مجموعة شيترا التي تضم ما يقارب الألفين من نفائس أدوات صنع وتقديم الشاي التاريخية والمعاصرة، وهي أضخم مجموعةٍ من نوعها في العالم، تم جمعها من عددٍ كبيرٍ من البلدان حول العالم، وتعود إلى تواريخ مختلفة، حيث يعود أقدمها إلى أكثر من ألف عامٍ مضى. وتحوي في ما تحوي مجموعة أدوات لتقديم الشاي تعود لابنة السير وينستون تشرشل، وهي مجموعةٌ عليها رسومٌ يدويةٌ كانت مُلكاً للملك لويس الثامن عشر, وهو الذي دفع ثمناً لها عشرة آلاف فرانك فرنسي في عام 1816. كذلك تفاخر مجموعة شيترا باحتوائها الإبريق الفضي الخاص باللورد نيلسون، وهو رجلٌ مرموقٌ من ضباط البحرية الملكية البريطانية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر.
لقد أنشأ السيد نيرمال سيذيا مجموعة شيترا الأسطورية الخاصة كدليل حبٍ لزوجته شيترا، ويا له من دليل! ألا يشبه ذلك حكايةَ الإمبراطور شاه جهان الذي بنى تاج محل تخليداً لذكرى زوجته الحبيبة ممتاز محل؟ إن كل من رأى مجموعة شيترا يستطيع أن يدرك بسهولةٍ أن سحرها الأخاذ لا يقل عن السحر الأسطوري لذلك الصرح العظيم تاج محل.
بدخول إبريق الشاي إيجويست كتابَ غينيس يكون قد دخل التاريخ من بابه الواسع، وبدخوله ضمن مجموعة شيترا يكون قد وجد له مكاناً في أحضان الأبدية كقطعةٍ فريدةٍ من العراقة والفخامة. هل سبق وشربت فنجاناً من الشاي الراقي بإبريق شايٍ مرصّع بالماس والمجوهرات النفيسة، وهل تعتقد أنّ لها شعوراً آخر ليس كذلك التي تشعر به حين تشربه بأوانٍ عادية!
شاركونا آراءكم وتجاربكم بهذا الخصوص، وإن كان لديكم أيّ إضافة تثري هذا المقال نرجو أن لا تبخلوا علينا بمشاركتها.