ماذا يعني تعبير “حياة الرفاهية”؟ قد تختلف الإجابات على هذا السؤال من شخصٍ إلى آخر، وقد لا تكون هناك إجابةٌ خاطئة. إن ارتداء أرقى الألبسة من أفضل العلامات التجارية، وقيادة أفخم موديلات السيارات الحديثة، والسفر إلى أكثر الأماكن تميزاً، كل تلك هي علاماتٌ فارقةٌ لما قد نطلق عليه تعبير “حياة الرفاهية”
إن كل تلك النقاط التي ذكرناها تتعلق بشكلٍ أو بآخر بمدى الرفاهية التي تعيشها، ولكن أياً من تلك النقاط لا يمكنه تحقيق ارتباطٍ مباشرٍ بدرجة الرفاهية بالقدر الذي يحققه مستوى الطعام الذي تتناوله.
في هذا الصدد، ليس أفخرُ الأطعمة هو بالضرورة ما ينال رضى الجميع، فقد يكون أفخر أنواع الكافيار مثلاً غير مناسبٍ لذوق كل المجتمعين على مأدبة، ولكن من الصعب جداً أن تحقق عشاءً مُرضياً لجميع ضيوفك دون أن تكون قطعة الستيك حاضرةً على المائدة.
ولكن، ما هي أنواع الستيك والقطع التي تستحق أن تُعتَبر الأفضل؟ لنُلقِ معاً نظرةً على بعضٍ من أفضل شرائح اللحم البقري التي تتوفر في الأسواق.
ستيك Sirloin (لحم الخاصرة)
قد لا يتمتع ستيك لحم الخاصرة بسمعةٍ طيبةٍ دائماً، ويعود ذلك إلى القاعدة العامة التي تقول بأن نوعية شريحة اللحم تكون أفضل كلما زادت فيها الدهون التي تتخلل المقطع العضلي، والتي يسميها العاملون في هذا المجال (الدهن المرمري).
يتم الحصول على شريحة لحم الخاصرة من أسفل الجزء الأيمن من خاصرة البقرة، وهذا الجزء قليل الدهن وذو كتلةٍ عضليةٍ كثيفة، مما يجعل شريحة اللحم هذه قاسيةً بعض الشيء، وبالتالي فهي إحدى أوفر الخيارات من ناحية الثمن. إن ما ذكرناه لا يعني أبداً ضرورةَ استبعاد ستيك لحم الخاصرة من بين خياراتك، فمهارة الطاهي المتمرس تستطيع تحويل أي قطعةٍ من اللحم إلى طبقٍ أكثر من رائع.
ربما تكون قد سمعت عن أحد أنواع شرائح الستيك والتي تسمّى (بيتسبرغ ستايل). تتمتع هذه الشريحة بطبقةٍ خارجيةٍ على درجةٍ كافيةٍ من الشَّي، مع الاحتفاظ بالجزء الداخلي من الشريحة نيئاً أو شبه نيء. تقول الأسطورة أن هذا النوع من شرائح الستيك اشتق اسمه من الطريقة التي كان يستخدمها عمال الحديد في بيتسبرغ لطهي لحم البقر في الأفران الصناعية، مما ينتج عنه قشرةٌ مقرمشةٌ لشريحة الستيك، مع احتفاظها بنكهة اللحم المميزة داخلها.
إن شريحة ستيك لحم الخاصرة هي المرشح المثالي لهذا النوع من المعالجة الحرارية، فهناك الكثير من رواد المطاعم ممن لا يستسيغ طعم الدهن غير المطهو جيداً، ولهذا فسيكون من الأفضل له أن يتناول شريحة ستيك قليلة الدهن في حال رغب بتجربة المذاق الشهي لستيك (بيتسبرغ ستايل). من المؤكد أن هذه التقنية لا تُلغي تماماً طعم الدهن النيء، لكنها تقنيةٌ فريدةٌ لإضفاء قيمةٍ جيدةً على شريحة لحمٍ عادية.
ستيك Ribeye (لحم الأضلاع)
إن سيتك لحم الأضلاع هو من أنواع الستيك العادية، ولذلك فأغلب المطاعم الفاخرة لا تطالعك قوائم وجباتها بهذ النوع من الستيك، ولكن ذلك لا يعني أبداً أنه من الخيارات السيئة.
يأخذ هذا النوع من الستيك اسمَه من حقيقة أنه يؤخذ من مركز منطقة الأضلاع، ومما يميز هذه المنطقة أنها لا تتحمل الكثير من الجهد العضلي، مما يعطي عضلاتها قواماً طرياً مُستساغاً من خلال غناها بالدهن المرمري الذي يتخلل المقطع العضلي، حيث تتفوق في هذه الناحية على الكثير من أجزاء الذبيحة الأخرى.
إن غنى شرائح الستيك هذه بالأنسجة الدهنية يجعل نكهتها تميل إلى الاعتدال مع وجود طعمٍ دسمٍ مشابهٍ لطعم الزبدة. إذا أخذنا التكوين الدهني بالحسبان، بالإضافة إلى طرواة القوام، فسنفهم السبب الذي يجعل شريحة اللحم هذه تعطي شعور الذوبان في الفم.
هذا الصنف أحد أنواع الستيك المناسب للطهاة المبتدئين، فالمحتوى الدهني العالي يسمح لشريحة اللحم بتحمل الطهي الجائر أكثر مما تتحمله شرائح اللحم الأقل دهناً، وعلى كل حال، يفضل معظم الأميركيين شرائح الستيك متوسطة الطهي. إن شرائح لحم الأضلاع غالباً ما تكون مقبولةً للمستهلك عندما تكون على درجةٍ متوسطةٍ من الطهي، أو حتى إن كانت على درجة طهيٍ أعلى بقليلٍ من المتوسطة.
إذا كنت ترغب بشواء اللحم في الفناء الخلفي لمنزلك، وكنت ممن تنقصهم الثقة بمهارتهم في الشواء، فستكون شرائح لحم الأضلاع (Ribeye) من أبرز الخيارات الآمنة بالنسبة لك.
ستيك Filet Mignon (لحم المتن)
هو أنواع الستيك الكلاسيكية، وهي قطعةٌ طريةٌ يتم الحصول عليها من ظهر البقرة، وهي لا تُؤخذ من المتن بشكلٍ عشوائي، إنما تؤخذ من الطرف المُستدق لمنطقة المتن الرقيق، ويخطئ البعض بأن يطلقوا عليها خطأً اسم (Tenderloin).
يأتي هذا النوع من الستيك خالياً تماماً من العظم، مما يسبب بعض النقص في ناحية النكهة، لذلك يقوم العديد من الطهاة بتعويض النقص من خلال استخدام توليفاتٍ خاصةٍ من الصلصات أو التوابل، وهذا يمنح قطعة الستيك بعض الخصوصية المنشودة.
إن القوام هو أفضل ساحةٍ تلعب فيها شرائح ستيك (Filet Mignon)، فكونها مأخوذةً من منطقةٍ عضليةٍ قليلة الاستخدام يجعلها تتمتع حرفياً بصفة الذوبان في الفم، ولأن سماكة الشريحة تتراوح بحدود 2 – 3 إنش، لذلك فهي من الخيارات الممتازة للشواء الاعتيادي أو للتحميص في الفرن.
مهما كان أسلوب تحضير ستيك (Filet Mignon)، فإن مفتاح نجاحه هو القيام بالتحضير بالطريقة الصحيحة. تجدر الإشارة هنا إلى أن انخفاض محتوى هذه الشريحة من (الدهن المرمري) يجعلها مرشحةً مثاليةً أخرى للتحضير بطريقة ستيك (بيتسبرغ ستايل) المذكورة آنفاً، وهذا يعني أن إعطاء سطحٍ خارجيٍ محروقٍ قليلاً، مع الاحتفاظ بداخل الشريحة في حالةٍ شبه نيئة، هو الأسلوب الأمثل لتحضير شرائح ستيك (Filet Mignon).
ستيك New York Strip (لحم الخاصرة الأمامية)
يتم الحصول على هذا الصنف من المنطقة الأمامية من خاصرة البقرة، ويتميز لحم هذه المنطقة بأنه خالٍ من العظم ويميل إلى احتواء كميةٍ جيدةٍ من الدهن المرمري، وهي من الأصناف المفضلة لدى رواد المطاعم، فهي تأتي بشكل قطعٍ مستطيلةٍ منتظمةٍ أخاذة المظهر.
بإمكانك أن تنظر إلى هذا الصنف على أنه نوعٌ من ستيك (Ribeye)، ولكن بمحتوى عالٍ من الدهن المرمري، مع تركيزٍ كبيرٍ في النكهة المميزة للَّحم البقري. لكن مما يُؤسفُ له أن شريحة اللحم هذه تفتقر إلى الطراوة العالية التي تميز شرائح ستيك (Ribeye)، كما أنها أكثر حساسيةً منها تجاه الطهي الجائر.
ستيك Tenderloin (لحم المتن الرقيق)
إن شريحة لحم المتن الرقيق هي من أغلى شرائح اللحم في الذبيحة البقرية. يتم أخذ الشريحة هذه من عضلةٍ مُستدقةٍ تشبه شكل قلم الرصاص، تتوضع عميقاً في منطقة الخاصرة الأمامية، وهي من أقل العضلات استخداماً في جسم البقرة، لذلك فإن شرائح اللحم المقطوعة منها تكون من بين أكثر شرائح اللحم طراوةً.
رغم ميزاتها الكثيرة، تفتقر شريحة لحم المتن الرقيق قليلاً إلى النكهة المميزة للَّحم البقري، ولكن إضافة توليفةٍ مناسبةٍ من التوابل ستعطي نتيجةً نهائيةً رائعة.
ستيك Porterhouse
يمكننا بحقٍّ أن نعتبرَ شريحةَ ستيك بورترهاوس هبةً من الله للمُغرمين بتناول الستيك، فهي في الحقيقة شريحتان مختلفتان ومندمجتان في شريحةٍ واحدةٍ ضخمة. من المُعتَقَد أن الكاتب الإنجليزي الشهير تشارلز ديكنز هو من صاغ اسم هذا النوع من شرائح الستيك، حيث طلب من مالك أحد الفنادق في مدينة بوفالو أن يأمر له بتجهيز شريحة ستيك عملاقة ورائعة، كتلك التي تناولها في نُزُل بورترهاوس في أوهايو. يُقال أن الرجل قد جمع ثروةً صغيرةً من خلال إعلانٍ نشره وقال فيه:
“نحن نفخر بتقديم شريحة ستيك عظيمة، بالطريقة التي يفضلها تشارلز ديكنز”.
أياً كان مصدرها وأصلها التاريخي، تُشكل شريحة ستيك بورترهاوس طبقاً رائعاً يحظى بإعجاب جمهورٍ عريضٍ من عشاق اللحوم.
قد يكون من الصعب على طاهٍ مبتدئٍ أن يجهز هذا النوع من الستيك، ويعود ذلك إلى أن هذه الشريحة هي في الأساس عبارةٌ عن جزءٍ من لحم المتن مع جزءٍ من لحم الخاصرة الأمامية متصلان معاً في منطقة الورك. يمكن البدء بطهي الشريحة من خلال الشواء اللطيف والمُحكم حتى درجةٍ معينةٍ من النضج، ثم إيقاف الحرارة المباشرة وترك الشريحة لتُتمَّ نضجَها ضمن جوٍّ من الحرارة غير المباشرة. يمكن من خلال بعض الممارسة أن يصل الطاهي إلى درجةٍ من الإتقان تسمح له بإنتاج طبقٍ من أشهى أطباق الستيك البقري المشوي، كما يمكنه استخدام طرقٍ أخرى لتجهيز الشريحة، كالقلي أو السلق، وستكون النتيجة أطباقاً شهيةً مغايرةً تماماً لشريحة ستيك بورترهاوس المشوية.
قم باختيار قطعة الستيك الصحيحة التي تتلاءم مع مناسبتك
فمن العبث محاولة إيجاد نوع واحدٍ فقط من أنواع الستيك والذي يناسب كل الأذواق ويلائم جميع المناسبات. إن ذلك أصلاً سيُفوِّت عليك فرصةَ تجربة عددٍ كبيرٍ من الأطباق التي ستنال قسطاً كبيراً من إعجابك في حال قمتَ بتجربتها. عموماً، يمكن تحويل أي شريحة لحمٍ إلى طبق ستيك رائع، ولكن ذلك يتطلب منك معرفةً كافيةً بخصائص شريحة اللحم التي بين يديك، وبالطريقة الأفضل لتجهيزها.
في النهاية، يجب عدم الذهاب بحُب لحم الأبقار إلى أبعد الحدود، فمن الرائع أن تجرب أطباٌق لحمٍ أخرى، وما عليك مثلاً إلا البحث في قوائم الطعام التي تحتوي شرائح ستيك الأغنام أو أطباق سمك التونا الأطلسية زرقاء الزعانف، لتدخل بها عالماً رائعاً من متعة الطعم الشهي وروعة حياة الرفاهية.
مصدر الصورة الرئيسية: Delish.com